الثلاثاء، ديسمبر 6

البكّيني .. أم الحِجاب ؟!

البكّيني .. أم الحِجاب ؟!

 

د. صلاح الخالدي


بدأت القوى المُضادة المُحاربة للإسلاميين التشويش والمُشاغبة عليهم في تونس، وقد ساء تلك القوى فوز حركة النهضة _ ذات التوجه الإسلامي _ بالأغلبية في الانتخابات، واتساع المد الإسلامي في تونس، وعودة شعبها إلى هويته الإسلامية، التي عاشها عبر القرون الماضية، ولم تقتل المرحلة "الظلامية" التي حاربت الإسلام فترة حكم أبو رقيبة وبن علي روح الإسلام الحية في الشعب التونسي، فما إن تلاشى ذلك الظلام الظالم، واسترد الشعب حريته، وتمكن من التصريح بموقفه، وجرت الانتخابات بنزاهة حقيقية حتى اختار الشعب نوابه مِن مَن يظن فيهم خيراً وتديناً والتزاماً، وقد حرص قادة حركة النهضة على إرسال رسائل "تطمين" إلى كل الأطراف والتوجيهات في الداخل والخارج، يدعونهم فيها إلى عدم الخوف والقلق، حتى قال زعيم النهضة "راشد الغنوشي" إن حركته لن تمنع "البكيني" في المسابح وعلى الشواطئ! ومعلوم ما هو البكيني، الذي اخترعه "شياطين التعري" في الغرب، والذي لا يزيد عن قطعتين مُثيرتين من القماش، لا تزيد مساحة كل منهما عن بضعة سنتمترات، تُغطي في الأولى جزءاً يسيراً من الثديين، وتُغطي في الثانية العورة المُغلظة في القُبل والدُّبر، وباقي الجسم العاري معروض للناظرين! وقد يضيق جسمها ذرعاً بهاتين القطعتين فتطرحهما جانباً !

البكيني على الشواطئ، والتبرج في المدارس والجامعات والشوارع والمُؤسسات أمر طبيعي عند هؤلاء، وعاشت النّساء في تونس أكثر من نصف قرن على هذه الحالة بدون تخوف أو استنكار.

فلما جاء أصحاب التوجه الإسلامي ثارت ثائرة أولئك الناس، وأعلنوا خوفهم من هؤلاء، ورفضهم لبرنامجهم الإصلاحي، وقد رأيت على إحدى الفضائيات إحدى طالبات الجامعة ترفض حركة النهضة، وبررت كرهها لها بقولها، إنها تريد أن تُلبسني الحجاب، وتحشر جسمي فيه! علماً أن حركة النهضة لم تَدّع ذلك! فقالت لها زميلتها المُتبرجة مثلها: دعينا نُجرب النهضة ثم نحكم عليها بعد ذلك!!
ومن المُضحك المُبكي _ وشر البلية ما يُضحك_ ما سمعته من أحد المُحللين في إحدى الفضائيات يعلق على الانتخابات المصرية، حيث كان للتيار السلفي _ المتمثل بحزب النور_ القوة الأولى في الإسكندرية، فقال ذلك المُعلق ـ فض الله فاه ـ حزيناً مُتحسراً مُتألماً: عندما يفوز مرشحو التوجه الإسلامي بكل مقاعد الإسكندرية فسوف ينتشر الحجاب بين نِساء الإسكندرية، وسوف تخلو شواطئ الإسكندرية من النّساء الجميلات بالبكيني! وهذه خسارة كبيرة للشواطئ والمدينة، ولمصر والحضارة!! هكذا يُفكرون: التبرج ربح، والحجاب خسارة !
وقد حدثت الأخبار الصادرة صباح يوم الجمعة (2-12) عن مُشكلة كبيرة في تونس، تعتبر الامتحان الصعب لحركة النّهضة: وتتمثل تلك المُشكلة في قرار بعض المسؤولين الجامعيين في إحدى الجامعات التونسية يمنع الطالبات المُحجبات والمُنقبات من دخول الجامعة، وجريمتهن هو الحرص على العفاف والستر والفضيلة، وعدم عرض مفاتنهن، ولبس الحجاب والنقاب!
منعوا المُحجبات والمُنقبات من دخول الجامعات وحركة النهضة تفوز بأغلبية مقاعد البرلمان، وفي طريقها لتشكيل الحكومة! أي منطق هذا؟
وانتصر الشباب الإسلامي المُلتزم في الجامعات لأخواتهن المُحجبات الفاضلات وتظاهروا واعتصموا وأضربوا، ودعوا إلى إلغاء ذلك القرار الظالم، وتجمعوا وتكلموا، وارتفع صوت الطلاب والطالبات بالانحياز إلى الحق..
وقامت مُظاهرات مُضادة في الطرف الآخر، تجمع فيها دُعاة التبرج والتكشف من الطلاب والطالبات يُؤيدون ذلك القرار الظالم، ويدعون إلى عدم وجود مُحجبات في الجامعات، وما زال الخلاف بين الفريقين مُستمراً.
وقد علقت طالبة مُحجبة على الأحداث بقولها: نحن لم نتدخل في لبس الطالبات المُتبرجات، ولا في سلوكهن مع أمثالهن من الطلاب، ونحن نريد منهم أن لا يمنعونا حقنا الشرعي، إننا نُطالب بِمساواتنا بالطالبات المُتبرجات! رضين بهن وهن لم يرضين بنا!!
وانحاز بعض الأساتذة إلى جانب التبرج والتعري، فأعلنوا الإضراب عن التدريس لمدة يوم، احتجاجاً على وجود طالبات مُحجبات في قاعات التدريس!
وعلّقت أستاذة جامعية متبرجة بأن الحجاب يحول بين الطالبة وبين التعلم والفهم!! وتحدث أحد مُمثلي الطلاب الملتزمين قائلاً: مطالبنا متواضعة وممكنة، وليست مُستحيلة أو صعبة! فنحن نُريد أمرين: نُريد منح أخواتنا الطالبات الحرية في لبس الحجاب، ونريد تخصيص مُصلى لنا لنُصلي فيه!!
إن ما يجري الآن في إحدى جامعات تونس، من صراع بين أنصار التبرج والتكشف والتعري وأنصار الستر والعفاف والفضيلة يؤكد على حتمية الصراع بين أصحاب الحق وأصحاب الباطل، وأن فوز أصحاب التوجه الإسلامي بالأغلبية في تونس والمغرب ومصر لن ينهي ذلك الصراع، وإنما سيزيده حدة وسخونة .. والسعيد الموفق الذي يوفقه الله لاختيار طريق الحق، والالتزام به والدعوة إليه. وهنيئاً لكم يا أعزائي من أبنائي وبناتي حسن الاختيار والالتزام والانتماء.. والحمد لله رب العالمين .
(البوصلة)


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق